10 - 05 - 2025

هنا نلتقي|عودة اللاجئ الضال

هنا نلتقي|عودة اللاجئ الضال

 وزعتْ الفعاليات الشبابية الفلسطينية في لبنان رسالة للاجئين الفلسطينيين تقول: (استجابةً لطلب معالي وزير خارجية لبنان جبران باسل، وطلب معالي وزير العمل اللبناني كميل أبو سليمان، الذي يصر على معاملتنا كأجانب في لبنان - حسْب القانون اللبناني- نعلن نحن اللاجئين الفلسطينيين عن قرارنا بالعودة الى أراضينا المحتلة منذ عام ١٩٤٨ من نفْس الطريق الذي قدِم به أجدادنا وأباؤنا، وذلك يوم الاحد 2019-7-28، وبناءً على ذلك نطالب الجيش اللبناني وقوات حفظ السلام الدولية (اليونيفيل) تسهيل الإجراءات على الحواجز، وتأمين الطريق لنا مِن جميع مخيمات لبنان، وسيتم تسليم بطاقات الهوية الخاصة باللاجئين على حواجز المخيم، وسيتم الاعلان عن اجراءات الخروج من المخيم لجميع اللاجئين خلال ٤٨ ساعة.. شكراً لبنان على الضيافة الطويلة، وشكراً للأشقاء اللبنانيين الذي وقفوا مع قضيتنا العادلة والمحقة.(

مِن المعروف أن هناك حواجز للجيش اللبناني على مداخل المخيمات جميعها، ويخضع الداخلون والخارجون إما لتفتيش السيارات أو طلب أوراق ثبوتية، وتتم مصادرة أي مواد تُستخدم في البناء، وهناك حواجز للجيش اللبناني قبل الحدود مع فلسطين، يمنعون الفلسطيني من الوصول إلا إذا كان يحمل تصريحا،ً أو إذا كان ضمن مسيرة جماعية كما يحدث عادة في مسيرات العودة التي تتم ليوم واحد ثم تتفرق.  

هذه الرسالة أو البيان ليست ورقة ضغط، لكنها فكرة قد يقوم بها اللاجئون الفلسطينيون في أي وقت، وقد ينفذونها يوم الأحد القادم، أي بعد غدٍ، وعِلْمنا أن هناك اتصالات مع الجيش اللبناني وقوات حفظ السلام (اليونيفيل)، لكن في هذا الظرف المعقد يخشى الجميع من تفجر الاحتقان والتصادم مع الجيش رغم أن مسيرات كثيرة خرجت قبل يومين وهتفت للجيش، ولكي تنجح هذه المسيرة يجب أن تشارك فيها أحزاب لبنانية مثل حزب الله أو حركة أمل وغيرهما، ومن دونهما لا يسمح الجيش ولا اليونيفيل بعبور الحواجز والنقاط.

السلطات اللبنانية لا تتفرد بهذا الموقف، فمن المؤكد أن الدول العربية (لبنان؛ سوريا؛ الأردن؛ مصر) التي لها حدود مع فلسطين لن تسمح بهذه الحركة، أي خروج الفلسطينيين إلى الحدود والاعتصام أمام الجنود الصهاينة، وأكاد أجزم أن السلطة الوطنية الفلسطينية لن تسمح للاجئين الفلسطينيين المقيمين على أراضيها منذ العام 1948 أو 1967 بالتوجه للمرابطة أمام الجيش الصهيوني مطالبين بالعودة إلى أراضيهم

على الصعيد الشخصي، فشلتْ السلطة الوطنية الفلسطينية في الحصول على إذن لي بدخول فلسطين (أراضي الضفة الغربية) لثلاث مرات جراء رفض الاحتلال من دون ذكر الأسباب، رغم حصولي على دعوة من وزارة الثقافة الفلسطينية، بينما توافق سلطات الاحتلال على منح تصاريح لحاملي جوازات السفر الأردنية والعربية والخليجية، وفي المحاولة الأخيرة ذهب شعراء مِن الخليج إلى "رام الله" من بينهم الشاعر الإماراتي كريم معتوق والشاعر العماني حسن المطروشي، ولا تزال الغصة تسكن حلقي والحزن يعتريني مِن محدودية أو عدم وجود رأي للسلطة الفلسطينية، فكيف ستسمح الأنظمة العربية بذهاب آلاف الفلسطينيين للمرابطة على الحدود؟

للأسف الأنظمة العربية - ومنها النظام الفلسطيني- لا يريد عودة اللاجئين الذين خرجوا من أراضيهم في العام 1948، بل لا يستطيعون إعادتهم، ولا شأن للقوة العسكرية أو الدبلوماسية هنا، وإنما لإذعان هذه الأنظمة لإملاءات وقرارات أمريكية إسرائيلية، وها هي بشائر "صفقة القرن" تقول للفلسطينيين: ستبقون حيث أنتم موجودون! 

أمام الفلسطينيين حل واحد لا ثان له، هو أن ينفذوا ما جاء بالرسالة التي بدأتُ بها مقالي، وأن يخرجوا جماعاتٍ وفرادى، علانيةً أو تسللًا، والمرابَطة أمام الأسلاك الشائكة في وجه الإسرائيليين و"العرب".. فليخرج الفلسطينيون من لبنان والأردن وسوريا ومصر وليتوجهوا إلى الحدود؛ وليكن ما يكون من تضحيات، لكن هذا الإجراء يتطلب قيادةً شعبية وليست فصائلية، قيادةً وطنية حرة لا تذعن لمنطق التنظيمات الفلسطينية؛ لا فتْح ولا حماس ولا الجبهة الشعبية ولا غيرها من تنظيمات أشبعت الناس كلاماً، وخدّرتهم على مدى سبعين عاماً

عودة الفلسطيني لن تحققها المفاوضات ولا الصفقات ولا المنظمات الدولية بما فيهم مجلس الأمن، عودة الفلسطيني يحققها الفلسطيني نفسه، وقد تنطلق الشرارة الأولى من لبنان.
--------------
بقلم: أنور الخطيب
شاعر وكاتب فلسطيني

مقالات اخرى للكاتب

شارون بعد أم هارون!؟